لكي تعرف مسارك الصحيح في الحياة عليك أن تتعرف على أمور كثيرة تُسّهل عليك طريق النجاح والوصول لمبتغاك بدون مشقة كبيرة،
لكي تصنع ثروتك هنالك سراً مميزاً يتحدث عن نظرية أثارت أهتمام أصحاب الأعمال وعرابو المال،
إنها قديمة وتُدعى نظرية الوفرة وعقلية الندرة
أو ما يُسمى المحدود واللامحدود.
إنها من أكثر المواضيع الشيّقة التي تستحق أن تأخذ حيزاً من تفكيرنا لأنها من أكثر الأشياء التي تساعد في جعل الإنسان غنياً أو فقيراً.
في إحدى المرات تم توجيه سؤال لي من أحد المتابعين قائلاً: لماذا تدافع عن الأغنياء مع أنهم فاسدون؟ عَلمتُ بالحال بأن هذا الشخص يفكر تفكير الندرة.
ما هو الفرق بين عقلية الوفرة و عقلية الندرة؟
تخيلوا مثلاً لو أننا عشرون شخصاً مدعوّن لحفلة عيد ميلاد وقام شخصاً ما بتقطيع الكيك و أخذ نصفه وشرع بأكله, سيظن الآخرون بأنه طمّاع و أناني ولا يتوجب عليه أن يأخذ كل هذه الكمية لأنه ليس من حقه.
هذا ما ندعوه تفكير الندرة لأننا نعلم بأن عددنا عشرون و بأن الكيك سيتم تقطيعه ليوزع على العشرين ، ليس من الصواب أن يأخذ شخصاً بمفرده نصف الكيك والباقون جميعهم يأخذوا النصف هذا ما ندعوه عقلية المحدود أو الندرة.
أما عقلية الوفرة فإنها عبارة مثلاً :
تخيلوا بأن العشرون شخصاً ذاتهم ومعهم من أخذ نصف الكيك قد قام بالنزول إلى البحر و أخذ قارب و قام باصطياد أسماك كثيرة وعاد ، هل سيقول الأشخاص الآخرون ما هذا الرجل الأناني؟
بالطبع لن يقولوا هذا الشيء. لماذا؟
لأنهم في هذه الحالة سيفكروا بعقلية الوفرة بمعنى بأن البحر ممتلىء بالأسماك وأي شخص يريد أن يصطاد سيذهب للبحر ويصطاد. الحياة كلها هكذا، يفكر أصحاب الفكر الغني دائماً بعقلية الوفرة، إنها تؤثر بنا داخلياً بشكل كبير وتؤثر على تصرفاتنا وعلى لغة الجسد وعلى تعاملنا مع الناس، وعلى نسبة الأدرينالين التي نمتلكها.
حين يتصرف الشخص بعقلية الندرة، مثلاً تخيلوا حين قام هذا الشخص بتقطيع الكيك و أخذ نصفه شعر الناس بالأستياء منه نظراً لأنه في أعتقادهم هذا الذي من الممكن أن يكون حقيقي أو غير حقيقي لكن في المال .
في صناعة الثروات إن كمية الأموال الموجودة على هذا الكوكب كبيرة جداً والدليل هناك إحدى وعشرون شخصاً يمتلكوا 50% من المال الذي يمتلكه الأفراد,
يعني إحدى وعشرون فرداً يمتلكوا 50% من الأموال التي تمتلكها الأفراد و في الوقت الحالي 4% يمتلكوا 96% من الأموال و 96% من البشر يمتلكوا 4%من الأموال ولذلك الأشخاص الإحدى وعشرون الذين لديهم نصف ثروة العالم لديهم أستعداد للعطاء منها لأنهم لن ينفقوها كلها ، يختلف تفكير الإنسان في عقلية الوفرة،كيف يحصل هذا؟
لا يستطيع الإنسان أن يرتدي سترتان فوق بعضهما البعض أو ساعتان يد فوق بعضهما البعض، الإنسان الناضج عند مستوى معيّن من الوفرة يصل لفكر الخير للجميع ولذلك معظمهم يردوا الجميل. معظم من يساهم في الجمعيات الخيرية والمستشفيات أشخاص يمتلكون أموالاً ، هناك من يعتقد بأن المال يجب أن يتوزع على الجميع و مبدأ المساواة و هذه الأفكار غير سليمة لأنها تنتمي للنظام الأشتراكي القديم الذي فشل لأن أكبر مشكلة في هذا النظام أنه يساوي الجميع و لا يمتلك أحد أي شيء بإستثناء الدولة التي تمتلك كل شيء وهذا يؤدي لخلق الفساد بين الجميع لأن الفرد يحصل على احتياجاته البسيطة من الأكل و يمارس روتينه اليوم ليحصل على كفاف عيشه والفرد في هذا النظام لن يصبح غني لأن دخله محدود و قوانين وتشريعات البلد لا تسمح بالأقتصاد الحُرّ ولكي يمتلك المال سيرتشي و يمارس أشياء غير قانونية ولهذا السبب يكثر الفساد في الدول الشيوعية والأشتراكية ولذلك أنظمة كهذه تندثر. في حين أن الأنظمة الرأسمالية مختلفة رغم وجود الفساد فيها لكنه بنسبة أقل والبقاء للأفضل فيها حتى للموظفين أما النظام الأشتراكي يعمل على مبدأ الواسطة والمحسوبيات لكن النظام الرأسمالي في القطاع الخاص يقوم بتوظيف الأشخاص حسب الكفاءة حتى لو عن طريق وساطة لكن يجب أن يكون ذو كفاءة فالاختيار دائماً يكون بين كفائتين حتى لو كانت الأولوية للقرابة أو المعرفة أحياناً لكن الشرط الأساسي الكفاءة، لذلك عقلية الوفرة للشخص الذي يعتقد في الندرة بالنسبة له خيال وكذب لأنه يريد أن يتساوى الناس وكل شخص يأخذ مخصصاته ، وبذلك لن يبقى في هذه الحالة مستثمرون للقيام بإنشاء مشاريع وتشغيل أشخاص معهم لأنه ليس جميع الناس لديهم روح المغامرة للبدء بمشاريعهم الخاصة فمنهم من يرغب بأن يعمل كموظف ، في السوق مثلاً ثمة أشخاص يعتقدوا بأن منافسيهم كُثر ومنهم من يخاف ويريد أن ينقل مكان عمله لأنه بجانبه تم فتح نفس نوع نشاطه ظناً منه بأن الشخص الجديد سوف يأخذ رزقه و بالعكس لو كان هذا الشخص يقوم بالتفكير بشكلٍ صحيح يجب أن يفرح، لماذا؟ لنفترض بأن هذا الشخص يبيع أقمشة مثلاً وكان الشارع الذي به يحتوي على ثلاثة أو أربعة متاجر للأقمشة فسيصبح اسم هذا الشارع شارع الأقمشة وسيصبح مقصد كل من يريد أن يشتري أقمشة ولو كان يبيع ذهب فسيصبح شارع الصائغين فسيذهب كل من يريد ذَهباً لهذا الشارع وبذلك الشيء تتم صناعة سوق كامل سيذهب الناس إليه.
عقلية الوفرة تقوم على أن الرزق موجود للجميع لكن مفروض على كل شخص منّا فيه بتقديم أفضل ما لديه من المنتجات والخدمات والأهتمام بالمكان والتنظيف والتنظيم ويقوم بالتسويق بشكل جيد و التعامل بلباقة مع الناس و الأهتمام بشكاوى الزبائن و التواصل بدبلوماسية وفن و الإصغاء لمشكلة الزبون ، هكذا تكون عقلية الوفرة ، أما عقلية الندرة فإنه يغادر مكان نشاطه بعد ما قام بترتيب متجره و تعّرف الناس على موقعه منذ سنوات ولذلك فإن عقلية الندرة ستقوم بتدميره و يختار مكان متجره في منطقة أخرى لا يعرفه أحد بها و يترك مكان متجره لأشخاص ويعطيهم بدون أن يدري تعب كل سنواته السابقة و هكذا تقوم عقلية الندرة بتدمير الإنسان بهذه الطريقة. لكن عقلية الوفرة “أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك” من يتصرف بعقلية الوفرة يُظهر للناس بأنه يريد أن يُعطي مثلما يأخذ أم عقلية الندرة يقوم بالبحث عن الأشياء المجانيّة ويشكو بأنه ليس لديه مال لشراء كورس تعليمي فيقوم بمشاهدة أشياء كثيرة على اليوتيوب ليحصل على شيء بسيط كان من الممكن أن يحصل على عشرة أضعافه في كورس ثمنه مثلاً رقم معيّن ويشكو من غلاء سعر الكتب فيتجه إلى الإنترنت ويأخذ معلوماته. لذلك أي شخص يريد أن يصل للحرية المالية لابد أن يتخلص من عقلية الندرة، أكتسبنا عقلية الندرة من أهالينا والتوزيع والتساوي والعدل لكن الحياة ليست عادلة، لذلك يجب أن نتعامل معها على هذا الأساس لأنها هكذا لكن نستطيع نحن أن نصنع العدل بمعنى أن الله سبحانه وتعالى أغدق الكثير من الخير لكن ظلمنا لأنفسنا وللآخرين هو من يضعنا في مواقف كهذه، عقلية الوفرة أجمل شيء ممكن الإنسان أن يتوقعه لأن كل شيء في هذه الدنيا سيعود لك، إنها الكارما كما تُدعى في جنوب شرق آسيا. الكارما ستعود لك ،حين تصنع الخير سيعود لك و حين تصنع الشر سيعود لك أما المتشائمون أصحاب مقولة “خيراً تفعل شراً تلقى” أولئك أناس يريدوا أن يعيشوا في دور الضحية ومعظم اصحاب عقلية الندرة يعيشوا دور الضحية بمقولة مثل:الأغنياء يأكلون أموال الفقراء ، بالطبع ثمة أماكن تتعرض للظلم فهل هذا الكلام صحيح أم حق يراد به باطل ، حين نرى أولئك الناس الذين لديهم شركات و يقدموا فرص عمل و أشياء كثيرة و تقوم بتأمين فرص للفقراء ليعملوا و بالتالي يشتغل الفقراء ، لو لم يقدموا أولئك الناس فرصاُ كهذه، ما الذي ممكن أن يعمله الفقراء؟ هذا هو سؤال الوفرة، أنظر ماذا يكسب هو وماذا يعطيني، أعطِ قيمة أكبر ستأخذ أكثر، مثلاً حين يقوم شخص بعرض خدماته التسويقية لأكسب 50% فسأرحب به وأعطيه ما يريد لأنه سيضيف قيمة عالية، سيكسب 50% ويأخذ ما يريده لكنه مسبقاً أعطى قيمة وهذا ما نسميه عقلية الوفرة بخلاف من يأتي ويطلب راتب ويخبرني كم سيكسب هو وكم سيقوم بإعطائي، طبعاً سيأخذ رقم قليل لكن حين تضيف قيمة كبيرة ستحصل على ما تريده. عقلية الوفرة في التفكير تعطي قيمة وتعود القيمة أيضاً على المعطي. أجمل شيء في العطاء إنك حين تعطي يزيد إفراز هرمون الدوبامين وتشعر بأنك غني وهذا يمنحك دفع للأمام وحين تعطي تُسعد غيرك فيكون سعيد بأنك قمت بمساعدته سواءً كان يعلم أو لا يعلم وهذا الخير يلتف ويعود لك مرة أخرى وهناك قصص رائعة في التاريخ تتحدث عن ذلك عن أشخاص أعطوا وفكروا بعقلية الوفرة وعوضهم الله بأضعاف مضاعفة، الحسنة بعشرة أمثالها، لذلك دعونا نتوقف قليلاً لنفكر هل نحن نفكر بعقلية الوفرة أم بعقلية الندرة؟
أم في بعض الأحيان نفكر بالعقليتين معاً؟ قوموا بمراقبة أنفسكم حين تتصرفوا وأسالوا أنفسكم: هل أنا في هذه اللحظة فكرت بعقلية الوفرة أم بعقلية الندرة وقمْ بتحليل الموضوع..
إنها ليست فلسفة بل حياة، كل ما عليكم فعله هو أن تكتشفوا عقليتكم أهي وفرة أم ندرة وفكروا في الماضي والحاضر وكيف من الممكن أن يؤثر عليك في المستقبل لو أنك حقاً غيّرت طريقة تفكيرك.
العطاء هو من أسمى القيّم التي تزرع البسمة لأرواحنا وينمو بها الخير في أعماقنا، فلنمد أيدينا لزرع الفرح في قلوب من حولنا بتفعل عقلية الوفرة والسمو للأعلى بمساعدة الجميع.